بعد العمل لأكثر من 20 عاماَ في القطاع الصحي عملت خلالها في كبرى الشركات في القطاع الخاص وقطاع المجتمع المدني الانساني التطوعي، أشعر باعتزاز غامر لكتابة هذه الرسالة بصفتي مؤسسة ورئيسة ل “همتنا”.
سنوات طويلة قضيتها متنقلة بين المستشفيات العامة والمراكز الطبية في أنحاء الأردن ضمن عملي كأمين عام الائتلاف الصحي لحماية المريض، استطعت من خلالها رصد الأوضاع المتهالكة والمتدنية لمراكز تقديم خدمات الرعاية الصحية للمرضى وشهدت قصصا وأحداثا تمثل معاناة الكثيرين في الحصول على أبسط حقوقهم في تلقي العلاج بكرامة وبظروف تحفظ انسانيتهم، كان لا بد من الانتصار لهم وتوظيف كل الجهود والامكانات لدعمهم.
انطلقت همتنا من صرخة ألم لمريض سرطان ثلاثيني في غرفة عزل في احدى المستشفيات الحكومية في العاصمة عمان، طالبا الموت مقهورا ليس من عبء السرطان وانما من الحالة المضنية والبيئة المتهالكة التي أجبرته ظروفه أن يتلقى بها العلاج، كانت تلك الصرخة هي شعلة الأمل التي أضاءت بها همتنا الدروب لكل مريض سرطان يتلقى العلاج في ذلك المكان حيث تشكلت همتنا استجابة لتلك الصرخة من فريق يؤمن بالهدف الانساني الأسمى الا وهو تحسين الظروف الصحية لتلك الفئة التي تستحق العيش الأفضل والرعاية الصحية الفضلى، فأطلقنا مشروع اعادة تاأهيل جذري وتحديث لذلك المركز وتم انجاز المشروع بمدة زمنية قياسية وتحويله الى مركز متطور ومجهز بأحدث الأنظمة والأجهزة وبجمالية تليق بانسانية كل من يتلقى العلاج به وتسهم في دعم الروح المعنوية وتحسين فرص العلاج، ولم يكن ذلك ليتحقق دون مساهمة ودعم أهل الخير من شركات هندسية مشهود لها قدمت المخططات وأشرفت على العمل ومن مؤسسات وأفراد داعمين ومناصرين للمشروع.
واكتملت قصة النجاح بتعاون حكومي لافت وشراكة مع مركز الحسين للسرطان، المركزالأردني المتميزمحليا وعالميا في رعاية السرطان لتكتمل الحلقة وتتحقق العدالة والرعاية المثلى للمرضى.
كان من الواضح تمامًا لفريق همتنا أن الفئة المستهدفة بحاجة إلى استعادة حقوقهم الإنسانية كبشر قبل حقوقهم الصحية، لذلك التزمنا بدعم وخلق بيئة آمنة لجميع المرضى لا سيما الأقل حظًا منهم، لتلقي خدمات الرعاية الصحية التي يستحقونها بكرامة، ونحن اليوم على ثقة أكبر بقدرتنا على المساهمة في أنسنة الرعاية الصحية.
جاءت بعد ذلك جائحة كوفيد-19، وكان لانتشارها العالمي تأثيرًا عميقًا على كل جزء من حياتنا، فقد تمكن الوباء من احداث الشلل في كل مرافق العيش والأنشطة اليومية وأصبح الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية وتقوية أنظمتها هو المخرج الوحيد لاحتواء الأزمة والحفاظ على الانسانية من تداعيات الوباء حيث أصبح كل فرد يتأثر بصحة من حوله، وكان لا بد لهمتنا من الاستجابة والاستمرار في اطلاق مشاريعها الداعمة للقطاع الصحي أكثر من أي وقت مضى، حيث أصبحت الضرورة ملحة لإحداث طفرة في مستوى الخدمات الطبية والعلاجية المقدمة للمواطنين ليتم تمكين قطاع الرعاية الصحية المحلي ولتكون المراكز الصحية والطبية قادرة على الاستجابة لمكافحة الأوبئة الحالية والمستقبلية. فأنجزنا مشروع قسم العزل العلاجي المتخصص والعناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية في العام 2020 وأطلقنا مشروعنا الثالث لاعادة تأهيل 25 مركز صحي في مختلف أنحاء المملكة الأردنية الهاشمية.
في همتنا، نسعى دائما لأن نكون مثالًا ملهما لأولئك المتطوعين وصانعي التغييرالذين يطمحون لإنشاء مشاريعهم الخاصة الهادفة لدعم الانسان وخدمة البشرية.
د. فاديا سمارة
المؤسسة والمديرة التنفيذية